Duration 8:37

هل صح حديث: «إن موسى -عليه السلام - لطم عين ملك الموت»؟ | | الإمام الألبانيّ 미국

Published 1 Aug 2023

المصدر : سلسلة الفتاوى الإماراتية شريط (12) - فتوى (2) بداية الوقت : 02:08 موقع بوابة تراث الإمام الألباني : https://www.al-albany.com نص السؤال والجواب: نعود إلى الجواب عن الشق الأول من السؤال ، وهو حديث ملك الموت وتضعيف من ضعَّفه من العلماء : بين يدي الجواب أريد أن أذكِّركم بقاعدة علميَّة معترف بها حتى عند من ليس مسلمًا ، هذه القاعدة العلمية هي : أنه لا يجوز لمن كان جاهلًا بعلم أن يتكلم فيه ؛ لأنه يخالف نصوصًا من الكتاب والسنة ، من ذلك قول ربنا - تبارك وتعالى - : (( ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولًا )) ، فالذي يريد أن يتكلم في الطب - مثلًا - لا يجوز أن يتكلم إذا كان مفسِّرًا ؛ لأن الطب ليس من علمه ، كما أن هذا الطبيب المختص في مهنته لا يجوز أن يتكلم في التفسير أو في الفقه أو في غير ذلك ؛ لأن هذا وذاك إذا تكلما في غير اختصاصهما ؛ فقد قفا ما لا علم له به ، ويكون قد خالف النص القرآني السابق ، هذا أظن من الأمور التي يصح أن يُذكر معه المثل العربي القديم : " هذا أمر لا يختلف في اثنان ، ولا ينتطح فيه عنزان " أي : أنه لا يجوز أن يتكلم في علمٍ ما إلا أهل الاختصاص ؛ إذا كان هذا أمرًا مسلَّمًا - وهو كذلك - عُدْنا إلى هذا الحديث أو غيره ، من الذي يتكلم فيه ؟ آلطبيب مثلًا ؟ الجواب : طبعًا لا ، آلكمياوي مثلًا ؟ الجواب : لا . أسئلة كثيرة كثيرة نقترب من الحقيقة ، آلمفسِّر ؟ الجواب : لا . آلفقيه ؟ الجواب : لا . إذًا من الذي يتكلَّم ؟ إنما هو العالم بالحديث ، وعلماء الحديث " كانوا " - كما قيل - : كانوا إذا عدُّوا قليلًا *** فصاروا اليوم أقلَّ من القليلِ ولذلك فلا يجوز لطلاب العلم أن يتورَّطوا بكلمة تُنقل عن عالم لا نعرف هويَّة واختصاص هذا العالم إذا ما قال : الحديث الفلاني ضعيف ، هذه قاعدة يجب أن نلتزمها دائمًا وأبدًا ، ومن عجائب المصائب التي حلَّت في الأمة من الغفلة عن القواعد العلمية المبثوثة في الكتاب والسنة أنهم يبتعدون عنها كلَّ البعد ، وإذا جاء دورُ ما يتعلق بما يخصُّ أنفسهم تجدهم يحقِّقون مثل ذلك النَّصِّ القرآني الذي يُلزم المسلمين أن يرجعوا إلى أهل الاختصاص ، مثلًا إذا أصاب أحدنا أو أحد من يخصُّنا مرض ما ؛ فهو لا يذهب إلى أيِّ طبيب ، وإنما قبل كل شيء يسأل عن المختص في ذاك المرض ، ثم يتابع السؤال والبحث والتحقيق عن الطبيب الماهر المختص في ذلك المرض ؛ حين ذاك يذهب إليه ويعرض نفسه أو حبيبه عليه ، أما فيما يتعلق بالدين ؛ فأصبح الأمر فوضى لا نظام له ، ذلك أن الناس اليوم كلما رأوا إنسانًا يُدندن حول بعض المسائل الفقهية ، أو حول بعض الآيات القرآنية ، أو الأحاديث النبوية ؛ ظنُّوا أنه عالم زمانه ! فيتوجَّهون بالأسئلة ، فيقعون في المَحذُور الذي جاء ذكره في الحديث الأول ؛ ألا وهو قوله - عليه السلام - : ( قتلوه ، قاتلهم الله ؛ ألا سألوا - أي : أهل العلم - ؛ فإنما شفاء العيِّ السؤال ) . بعد هذا أعود لأقول : أيُّ إنسان تكلم في غير اختصاصه لا يجوز له ذلك ، وبخاصة إذا تبيَّن أن كلامه مخالف لأهل الاختصاص في العلم الذي تكلَّم هو فيه بغير علم ، فحديث لطم موسى - عليه السلام - لملك الموت حديث أخرجه الإمام البخاري ومسلم في " صحيحيهما " من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - قال : ( جاء ملك الموت إلى موسى - عليه الصلاة والسلام - فقال له : أجِبْ ربَّك . - يعني سلِّمني نفسك وروحك - . فما كان من موسى - عليه السلام - إلا أن لَطَمَه تلك اللطمة ففقأَ عينه ، فرجع الملك ملك الموت إلى ربِّه ، قال : يا رب ، أرسلتني إلى عبد يكره الموت . فقال الله له : عُدْ إليه وقل له : إن ربَّك يقول لك : ضع يدك على جلد ثور ، فلَكَ من العمر من السنين بعدد كل الشعرات التي تكون تحت أصابعك . فرجع ملك الموت إلى موسى - عليه السلام - وقال له ما أمَرَه به ربُّه ، قال موسى : وماذا بعد ذلك ؟ قال : الموت . قال : فالآن . فقبض ملكُ الموت روحَ موسى - عليه السلام - في تلك اللحظة ) . قال نبيُّنا - صلوات الله وسلامه عليه - : ( ولو كنتُ ثمَّةَ - أي حيث قبض ملك الموت روح موسى - لَأريتُكم قبره عند الكثيب الأحمر ) . هذا نصُّ الحديث في " الصحيحين " . فالجواب الآن يحتاج إلى أن نتكلم في أكثر من مسألة : المسألة الأولى : يتبيَّن بعد ورود هذا الحديث في " الصحيحين " أن ذلك الذي ضعَّفه هو الضعيف ؛ ذلك لأنه تكلَّم بغير علم ، وفي ظنِّي أن هذا المُضعِّف هو من أولئك الناس الكثيرين الذين يُسلِّطون ويُحكِّمون عقولهم - إن لم أقل أهواءهم ! - في الحكم على الأحاديث الصحيحة بأنها ضعيفة ، وربما قالوا : إنها موضوعة ، ما الدليل على ما زعموه من الضعف والوضع ؟ هو تحكيمهم عقولهم ، واتباعهم لأهوائهم ، (( وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْوَاءَهُمْ لَفَسَدَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ )) ؛ ذلك لأنَّ الإيمان ضَعُفَ في صدور كثير من الناس ولو ممَّن قد ينتمون إلى العلم ، هذا من جهة ، ومن جهة أخرى لم يدرسوا السُّنَّة دراسةً واعيةً مستوعبةً لطرق الحديث التي من عادتها أنها تُزيل ما قد يقع في نفوس البعض من إشكال .

Category

Show more

Comments - 0